هل يعود لـ «عين القصب» مجدها؟ - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني

هل يعود لـ «عين القصب» مجدها؟
قليلون هم الأشخاص من الجيل الجديد الذين يعرفون الأهمية التاريخية «لعين القصب»، هذا النبع الذي روى مجدل شمس لسنين طويلة، قبل استجرار مياه «عين التفاحة»، في العام 1946، وتوصيل مياه الشرب إلى كل بيت في البلدة.
أذكر جيداً، عندما كنت فتى صغيراً، كيف كنا نتسابق أنا وإخوتي وأبناء أخوالي لجلب المياه من عين القصب. إذ كان لجدي المرحوم حمار ضخم أغبر اللون، ربما قارب حجمه حجم حصان، وضع عليه «شدُّ» حديدي، كان يتسع لأربع «تنكات»، اثنتان من كل جهة.
كنا نضع برنامجاً يومياً لكي لا يحصل خلاف بيننا، فكان «مشوار العين» متعة لا توازيها متعة، ننطلق على ظهر الحمار من بيت جدي في حارة «السوق»، مروراً بـ «عين الضيعة»، نزولاً باتجاه عين القصب.
في الحالة العادية ربما كانت لتأخذ الطريق ذهاباً وإياباً نصف ساعة، لكنها كانت تستغرق معنا أكثر من ساعة ونصف، ونعود لنعنف من قبل جدتي، التي كانت تقول: «وينكن لإسا يا مقصوفين الذينه؟»، فكنا نتذرع بكثرة الناس على العين، وأننا انتظرنا طويلاً حتى جاء دورنا.
...
لا أذكر متى توقف الناس عن جلب الماء من «عين القصب»، لكني، وكلما مررت أمامها أتذكر تلك الأيام وأتحسر على العين، وأتذكر كم كان هذا المكان جميلاً يعج بالناس، وكم كان الناس يقدرونه، فحافظو عليه على مدى سنوات طويلة، بناء أثرياً جميلاً ونظيفاً، وتحفة معمارية بالنسبة لقرية صغيرة مثل مجدل شمس في ذلك الوقت.
...
لا أدري كيف سمحنا لأنفسنا أن نهمل هذا المكان بهذه الصورة التي تدعو للخجل؟!
لا أدري كيف سمحنا أن يقوم البعض منا بتخريبه، دون أي حس بالمسؤولية؟!
لا أدري كيف يمكن لبلدة أن تهدم بأيديها حقبة كاملة من تاريخها؟!
...

قبل أيام، اتصل بي أحد الأصدقاء وقال لي: تتحدث دائماً عن «عين القصب».. يبدو أن أحدهم قرر ترميم المكان وتنظيفه.. تعال وشاهد بنفسك.
...
عند وصولي إلى العين كان هناك حوالي عشرين من الصبايا والشباب، والفتيات والفتية، المتطوعين بالجهد والمال، يعملون بكد، ينظفون الأوساخ، يرممون ما هدمته السنين.. وخربه بعض الجاهلين منا.. منظر لعمري يعيد الأمل والثقة بمستقبل هذه البلدة، التي ما انفك أبناؤها يفاجؤننا، في كل يوم جديد، بأنهم أهل لمتابعة المشوار واستكمال ما بدأه الأجداد...